تاريخ الخلفاء الراشدين

» الاستاذة الدكتورة عفاف سيد صبرة
» الدكتور مصطفى محمد الحناوي
عدد الصفحات: 440
نوع التجليد: كرتونية
رقم الطبعة: 1
لون الطباعة: اسود
القياس (سم): 17x24
الوزن (كغم): 0.8
الباركود: 9789957069315
السعر : 20.00 $

تاريخ الخلفاء الراشدين يمثل مرحلة تاريخية مضيئة من التاريخ الإسلامي، وإن شئنا قلنا إنه تتمة لعصر الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو العصر الذي تتمثل فيه المثل الإسلامية الصحيحة، والتطبيق الأمثل لما جاء في كتاب اللَّه وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

كان الخلفاء الراشدون جميعهم صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهم أهل مشورته وحله وعقده، ومنهم آل بيته، فهم القدوة الصالحة والعقول الراجحة، وهم من تأدبوا بآداب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ونهلوا من علمه، وساروا على دربه وعاصروا رسالته، وسمعوا وحيه، وشاركوا في غزواته وسراياه، ووقفوا بجانبه، ودافعوا عنه، والتصقوا به، وحدثوا بأقواله وأعماله، وتصاهر معهم  وتصاهروا معه، فهم التلامذة النجباء، والأخلاء الأوفياء، والعلماء الأجلاء رضي اللَّه عنهم أجمعين.

لا شك في أن المتصدر لدراسة هذه الفترة الزاهرة من التاريخ الإسلامي يعيش بين نفسه ليجول بها في آفاق المجد والفخار ينتقل من الواقع الإسلامي المرير الذي يعيشه إلى عالم النصر والرفعة والسؤدد، يخرج من واقع الانكسار والذل والهوان إلى ماضي العزة والكرامة، يخرج من حال الانحسار إلى ماضي الانفتاح والتوسع على العالم، يخرج من التقهقر إلى التقدم، يخرج من الضعف إلى عالم القوة، يخرج من عالم الصغار إلى عالم العظام.

لذلك فإن التأريخ لعصر الخلفاء الراشدين يضفي على من يخطه بقلمه راحة وطمأنينة بأن من يتتبع هذا العصر، ويدرسه حق دراسة ويفهمه خير فهم لا شك أنه سيتأكد من عظمة الإسلام ورسول الإسلام وخلفاء الإسلام، ويستطلع بمشيئة اللَّه تعالى إلى غد مشرق مختلف عن هذا الحاضر، يعود فيه الإسلام إلى وضعه ويتحرك أبناء الإسلام ليقتدوا بسيرة هؤلاء الصحابة الأجلاء الذين تعلموا في المدرسة المحمدية كل ما يحمله الإسلام من شريعة وعقيدة ومنهج حياة.

وإذا كانت هذه المرحلة التاريخية قد حظيت باهتمام كثير من علماء المسلمين الأجلاء سواء المؤرخون أو المحدثون والفقهاء، وتبارى كل منهم في الكتابة عن هذا العصر، لكننا أردنا أن نسهم في هذا الشرف العظيم، ويكون لنا مكان في هذا الخضم الزاخر بهذه المؤلفات عن هذه المرحلة التاريخية المهمة من تاريخ الإسلام والمسلمين، ليس لنقص في المكتبة الإسلامية أو لقلة في عدد من كتبوا عنها، ولكن لأن هذه الفترة تحتاج إلى دقة التأريخ والتوثيق، وإلى إبراز الهدف من إخراج مؤلف فيها، وهو تقديم دراسة تتناول هذه المرحلة من زوايا مختلفة بأسلوب علمي رصين بعيد عن الهوى والأغراض، وعن أية معتقدات هدامة أو أفكار ينكرها الإسلام، ليسد الذرائع التي كانت مدخلاً لبعض من كتبوا من غير المنصفين وأصحاب الأهواء والنزعات الخاصة.

وقد اعتمدنا في خطة هذه الدراسة أن نقدم أولاً دراسة عن نظام الخلافة الإسلامية، الذي انفرد به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، مخالفين به النظم السياسية المختلفة التي سادت العالم من قبل ومن بعد، وأوضحنا به خصوصية هذا النظام وأحكامه، وصفات الخلفاء وحقوقهم وواجباتهم التي استندت أساساً على ما جاء في كتاب اللَّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأوضحها لنا فقهاء مسلمون، لنؤكد للعالم أن هذا النظام يختلف عن النظم الوضعية التي تقوم على قوانين البشر مختلفي الأهواء والميول والنزعات، أما نظام الخلافة فهو من لدن حكيم عليم.

واعتمدت الدراسة بعد ذلك على دراسة كل خليفة من الخلفاء الأربع رضوان اللَّه عليهم دراسة مستفيضة من خلال الجمع بين التعريف بشخصية الخليفة من حيث النشأة، وحياته في الجاهلية ثم إسلامه، ومواقفه ودوره في الدعوة، وكيفية مصاحبته لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وفضائله، ثم طريقة مبايعته بالخلافة، مستندين على كتب الأحكام السلطانية وكتب الطبقات ومؤيدين ذلك بأحاديث، وأولويات كل واحد منهم، والتي أوجبت بيعته، ثم العرض للسياسة الداخلية والتي تتمثل في كل ما يخص المسلمون في عاصمة الخلافة والأمصار المختلفة والأعمال الداخلية العظيمة التي حفظتها المصادر التاريخية وكتب الحديث إلى جانب التطورات السياسية والإدارية التي حققوها وتركت بصماتها على جميع البلدان الإسلامية، ثم تنتقل الدراسة بعد ذلك للسياسة الخارجية والتي تتمثل أصدق تمثيل في مجال الفتوحات الإسلامية والتي كانت علامة بارزة لهذا العصر، حيث وضحت ملامح السرعة الفائقة، والعبقرية الفذة؛ لأنه في غضون سنوات قلائل فتح اللَّه على أيديهم البلدان شرقاً وغرباً.

ولقد توخينا في هذا العرض العلمي لهذا المؤلف التوصيفات والمفردات الخاصة بمقرر "تاريخ الخلفاء الراشدين في الجامعات المختلفة، بما يحقق الفائدة العلمية والهدف المرجو الذي نسعى لتعليمه لشباب المسلمين، وللطلبة والطالبات في هذه المرحلة. ولنقدم لهم بمشيئة اللَّه تعالى معلومات صادقة وموثقة معتمدة على أصول صحيحة، معتمدين على صحة الروايات وتواترها بين كثير من المحدثين والمؤرخين والتحقق من صحة رواية من تحوم حولهم شبهات مذهبية أو أهواء سياسية وعرضنا ذلك في المتن، خصوصاً من أصحاب المذاهب والفرق المعادية للسنة، والذين يستمد منهم بعض المؤرخين معلوماتهم، وحاولنا التأكد من أن ما جمعناه من روايات لم تخضع لمؤثرات أفكارهم بالقدر الذي يبعد بها عن الحقيقة التاريخية.

وقد عمدت هذه الدراسة على أن تحفظ للخلفاء الراشدين - رضوان اللَّه عليهم جميعاً - قدرهم، وتبين فضائلهم وأعمالهم مؤيدين ذلك بأحاديث صحيحة وروايات موثقة الإسناد مع مراعاة عدم الغوص في أعماق الخلافات الدينية والفتن التي حاول أعداء الإسلام الزج بالمسلمين فيها، وعدم التجرأ على عرض أخطاء أو زلات لأحد من هؤلاء الصحابة العظام مع دحض الافتراءات التي ربما توجد بين صفحات كتب التاريخ، إيماناً بقضاء اللَّه وقدره خيره وشره، وبما عليه مسؤولية المنصب من تبعات جسام، وأن إرضاء الناس غاية لا تدرك خصوصاً مع الذين لا يخافون في اللَّه لومة لائم.

وقد آثرنا إيراد نصوص لخطب منبرية، أو رسائل أو حوار من قبيل إيضاح موقف الخليفة في مسألة من القضايا التي عاصرها أو بيان سياسته ومنهاجه في الحكم، فضلاً عما تضمنته من وصايا ودعوات إلى مكارم الأخلاق لتحقيق الفائدة المرجوة من وراء قراءة التاريخ والمتمثلة في التماس التذكرة والعظات والعبر والتأسي والاقتداء، ليكون ذلك نبراساً لنا في مواجهة مواقف مشابهة.


الرجوع