الاحوال الشخصية فقه النكاح

» الدكتور احمد محمد المومني
» الدكتور اسماعيل أمين نواهضة
عدد الصفحات: 264
نوع التجليد: كرتونية
رقم الطبعة: 1
لون الطباعة: اسود
القياس (سم): 17x24
الوزن (كغم): 0.55
الباركود: 9789957066291
السعر : 15.00 $

إن الأسرة المسلمة نواة المجتمع الصالح، فصلاح الفرد من صلاح الأسرة، وصلاح المجتمع بأسره كذلك من صلاح الأسرة.

ومن أجل هذا فقد اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بشأن الأسرة المسلمة، وأُسُسِ تكوينها، وأسباب دوام ترابطها، لتبقى شامخة يسودها الوئام، وترفرف عليها المحبة، وتتلاقى فيها مشاعر المودة والرحمة، ولتعيش الأسرة المسلمة وِحْدة شعور ووِحدَة عواطف وتوافق.

وقد بيَّن القرآن الكريم للأزواج أن كلا منهما ضروري للآخر ومتمم له بحيث لا يستغني أحدهما عن الآخر، ولا يتصور أن تقوم حياةٌ إنسانية على استقامة إذا هُدمت الأسرة، والذين ينادون بحلّ نظام الأسرة لا يريدون بالبشرية خيراً، وقد كانت دعوتهم ولا زالت صوتاً نشازاً على مرّ التأريخ.

إن الأسرة الصالحة تقوم  على أساس التفاهم، وتمارس أعمالها بالتشاور، وتبني حياتها على التراضي، وها هو القرآن الكريم يجلي هذه المبادئ السامية؛ فعند رضاع الأولاد، وفطامهم ولو بعد الانفصال.

والأسرة التي تطلب السعادة، وتبحث عن الاستقرار، هي التي تبني حياتها على أسس راسخة، أبرزها رعاية واحترام الحقوق الزوجية، والمعاشرة بالمعروف من قبل الأزواج، وفتح آفاق واسعة من المشاعر الفياضة، ليتدفق نبع المحبة وتقوى الرابطة، وهنا يجد الأزواج السكن النفسي الذي نصّ عليه القرآن.

إن الله سبحانه وتعالى علم أن النفس قد تثور فيها مشاعر الخلاف أحياناً، وفي أجواء الخلاف تنشأ مشاعر الكراهية، فيجد الشيطان ضالته المنشودة لهدم كيان الأسرة، فكان التوجيه القرآني لتدارك ذلك وقد قرر كثير من الباحثين أن التفكك الأسري سببٌ رئيس في انحراف الأهداف والسلوك، ولهذا فإن الأسرة مطالبة بحماية نفسها قبل حدوث الشقاق، ولا يخفى أن الحياة لا تصفو دائماً، بل هي معرضة للسراء والضراء.

وللأسرة المسلمة في المجتمع المسلم وظائف، أهمها: إقامة حدود الله، وتطبيق شرعه ومرضاته بتأسيس البيت المسلم، وتكثير نسل الأمة المسلمة، قال صلى الله عليه وسلم :«النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم». (أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح (1846)، وفي سنده عيسى بن ميمون وهو ضعيف، وله شواهد تقويه، انظر: تلخيص الحبير 3/116-117). ومعلوم بأن في تكثير النسل قوةً للأمة، وعزةً، وقرة عين للزوجين، وحسن ذكر بعد الموت.

كما أن الأسرة المسلمة مسؤولة أمام الله عن تنشئة الأبناء على الإسلام وتعاليمه وأخلاقه وسلوكياته، والأخذ بأيديهم نحو طريق النجاة.

إن أي تقصير أو إخفاق في قيام الأسرة بدورها التربوي ستكون له عواقب وخيمة على سلوك الأبناء والبنات، ومن ثم على المجتمع في بنائه وفكره وأمنه.

إن القيام بالواجبات الأسرية أمانة سيسأل عنها الزوجان يوم القيامة، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».

ومن الأمانة تطهير البيت من المنكرات، وإلزام أهل البيت بالفرائض والواجبات، وحثهم على الفضائل والمستحبات.

من الأهداف الرئيسة للأسرة إقامة رابطة قوية بين أبناء الأسرة والمسجد، ذلك أن المسجد في حياة المسلم جوهريّ وأساس، والتردد على المسجد عمل تربوي جليل القدر، عميق الأثر، يغرس في النفوس الفضائل والقيم والآداب.

لقد استطاعت الأسرة المسلمة التي قامت على الإيمان بالله، وتمسكت بأخلاق الإسلام، وتعلقت بالمساجد، استطاعت بنور القرآن أن تخرّج للحياة أبطالاً شجعاناً، وعلماء أفذاذاً، وعباداً زهاداً، وقادة مخلصين، ورجالاً صالحين، ونساء عابدات، كتبوا صفحة تاريخ مجيدة في حياة المسلمين.

بناء الأسرة على الوجه السليم الرشيد ليس أمراً سهلاً، بل هو واجب جليل يحتاج إلى إعداد واستعداد، كما أن الحياة الزوجية ليست لهواً ولعباً، وليست مجرد تسلية واستمتاع، بل هي تبعات ومسؤوليات وواجبات، من تعرض لها دون صلاح أو قدرة كان جاهلاً غافلاً عن حكمة التشريع الإلهي، ومن أساء استعمالها أو ضيّع عامداً حقوقها استحق غضب الله وعقابه، ولذلك ينبغي أن يكون الإنسان صالحاً لهذه الحياة، قادراً على النهوض بتبعاتها.

إن حياة الأسرة حياة عمل، وللحياة أعباؤها وتكاليفها، لذا فهي تحتاج إلى قائد يوجهها ويشرف على سلامتها، هذه القيادة يسميها القرآن قوامة، وهي من نصيب الرجل، والرئاسة ليست للاستعباد والتسخير كما يتوهم بعض الجهلة، وإنما هي رئاسة إشراف ورعاية، لا تعني إلغاء شخصية الزوجة وإهدار إرادتها أو طمس معالم المودة والألفة في الأسرة.

كما أن القوامة تعني أن الزوج مسؤول عن كل ما يوفر سلامة الأبدان والأديان، يجنّب الأسرة مصارع السوء، يجنب الأسرة طرق الانحراف، يعطي من نفسه القدوة المثلى في الوقوف عند حدود الله وتعظيم شعائر دينه، مع سعة صدر وحسن خلق، فهو كالراعي الذي يحمي الحمى.

كما أنه مطالب بأن يوازن بين مهام العمل والعبادة والتفرغ لمهام الأسرة، ليعطي كل ذي حق حقه؛ حق الزوجة، حق الأولاد، رعاية الأسرة، التربية.

ومن هنا يأتي هذا الجهد المتواضع بتسليط الضوء على الزواج، ببيان أهميته والترغيب فيه وبيان الحكم الشرعي فيه، والحديث عن عقد الزواج وما يتعلق به من أحكام وشروط، وبيان الفرق بينه وبين خطبة الزواج، وأهلية النكاح، والولاية، والشهادة والكفاءة والوكالة وغير ذلك، والحديث عن بعض أنواع الزواج المستحدث كزواج المسيار وغيره. ويأتي الحديث عن هذه الموضوعات مع إبراز قانون الأحوال الشخصية الأردني لكونه القانون المعمول به في المحاكم الشرعية في الأردن وفلسطين.

إضافة إلى بيان أقوال الفقهاء في المسألة الواحدة، والمقارنة بينها وترجيح المناسب منها، سائلاً المولى عز وجل التوفيق والسداد، وإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان. والله ولي التوفيق.


الرجوع