تكنولوجيا التعليم المساندة لذوي الاحتياجات الخاصة

» الدكتور عاطف ابوحميد الشرمان
عدد الصفحات: 248
نوع التجليد: برش
رقم الطبعة: 2
لون الطباعة: اسود
القياس (سم): 17x24
الوزن (كغم): 0.6
الباركود: 9789957970581
السعر : 17.50 $

 أتذكر دائما موقفا وجدت نفسي فيه أثناء دراستي الجامعية لمرحلة البكالوريوس في جامعة اليرموك. كنت حينها أسير متجها إلى قاعة المحاضرة والتي كادت أن تبدأ حين استوقفني منظر إحدى الزميلات الطالبات وكانت مقعدة على كرسي متحرك جالسة في كرسيها على باب قاعة محاضرتها والتي كانت تفصلها عنها درجتان فقط ولكنهما كانا بمثابة عقبة كأداء أمامها لا تستطيع تجاوزهما للدخول إلى القاعة مع أن القاعة كانت كبيرة وأشبه ما تكون بمدرّج. وكان يبدو على وجه الطالبة الانتظار لمن يأتي لمد يد العون لمساعدتها للدخول إلى فضاء تفصلها عنه درجتان بدتا وكأنهما سوران منيعان. فاقتربت مع زميل آخر وقمنا بحمل العربة من الجانبين وأدخلناها إلى القاعة. ولكن ساورني شعور مرتبك في وقتها، فمن جهة كنت سعيدا لأني استطعت أن أقدم مساعدة متواضعة لتلك الطالبة التي تعاني الكثير في سبيل إكمال دراستها. ولكن وعلى الجهة الأخرى، فقد ساورني شعور بعدم الارتياح وشيء من التقصير. فكان عدم ارتياح لحمل تلك الفتاة على الكرسي والذي لا بد وأن يكون له وقع على نفسيتها بالرغم من تكراره كل يوم وأكثر من مرة. ثم بقيت أفكر بعدها أنه لا بد وأن يكون هناك حل أفضل لدخول تلك الطالبة إلى قاعة المحاضرة دون انتظار أو طلب مساعدة الآخرين بما يحفظ لها كرامتها واستقلاليتها. وبعد ثماني سنوات وجدتني في أستراليا لإكمال دراسة الماجستير والدكتوراه وكان من الواضح العناية الكبيرة التي يحظى بها ذوو الإعاقات المختلفة. فمن المناظر التي كثيرا ما كانت تستوقفني باصات النقل العام والتي تكون مجهزة لتنزل وتميل لتصبح قريبة وموازية لحافة الرصيف بحيث يستطيع الذين يستخدمون الكرسي المتحرك من الدخول إلى الباص بكل أريحية وسهولة ودون مساعدة. وفي الداخل يوجد مكان خاص لهم.

ازداد الوعي بذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمعات في العقود الماضية وزاد الاهتمام بهم تبعا لذلك. وقد تم سن الكثير من القوانين حول العالم تهدف في مجملها إلى التوعية والتذكير بهذه الفئة وإلزام الجهات المعنية بتقديم ما يلزم لدمجها في نواحي الحياة المختلفة بشكل إيجابي. أصبح البعض يسمي هذه الفئة بـ "الفئة الغالية" وأصبحنا نرى بشكل متزايد مواقف سيارات خاصة بذوي الإعاقات. كما تمت إضافة ممرات خاصة للكراسي المتحركة لتسهيل حركة مستخدميها وتنقلهم.

وبالرغم من الإنجازات والحقوق التي تحققت لذوي الاحتياجات الخاصة في العقود الأخيرة إلا أن الكثير مازال بحاجة إلى جهد وتكاتف وتفهم من كافة الأطراف المعنية. ولكي يحدث ذلك فلا بد من أن تتم إعادة النظر في الكثير من المفاهيم والمفردات المتصلة بذوي الاحتياجات الخاصة وأن يتغير المبدأ الذي تستند إليه الخدمات والدعم المقدم لهذه الفئة ليستند إلى الحرية والمساواة في المجتمع. كما أنه لا بد وأن يصيب جهود الدعم الفتور والتقصير مع الزمن إن لم يستند إلى قانون يجذره ويلزم تنفيذه ثم ليتجذر بعدها في المجتمع ليصبح من أخلاقياته وقيمه التي يؤمن بها ويدافع عنها.

 


الرجوع