تتضمن عمليات الممارسة المهنية مع الأفراد والأسر مجموعة من الخطوات التي يطلق عليها عملية التدخل المهني. وهذه العملية تقوم على أسس علمية تتضمن إطارا نظريا متكاملا يحتوي على العديد من النظريات والنماذج العلمية سواء كانت نابعة من العلوم الإنسانية والاجتماعية مثل علم النفس وعلم الاجتماعي والصحة النفسية والاقتصاد والقانون وغيرهم، أو نابعة من الخبرات المهنية المتراكمة نتيجة جهود وممارسات الأخصائيين الاجتماعيين خلال عقود زمنية متعددة. ولا تقتصر عملية التدخل المهني فقط على الأسس العلمية التي تعتمد عليها، ولكن تعتمد أيضا على وجود أخصائي اجتماعي على درجة عالية من العلم والخبرة يعمل على تحقيق أهداف التعامل مع العملاء في إطار مؤسسة اجتماعية لها شروطها وفلسفتها توفر له الإمكانيات اللازمة للتدخل المهني في إطار ميثاق مهني وأخلاقي يحدد له التزاماته نحو العملاء وما يجب أن يقوم به.
هذا وقد انتقلت عملية المساعدة في العمل مع الأفراد والأسر من الاعتماد على النموذج الطبي للمرض والذي ساد الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية منذ بدايتها وحتى الثمانينيات من القرن العشرين، إلى نموذج حل المشكلة الذي تعاظم فيه دور العميل في التعامل مع مشكلته. فقد اتسعت النظرة إلى العميل بحيث تحول إلى نسق العميل وهو جزء من أنساق أكبر، كما تعاظم دور الأنساق البيئية المحيطة للعميل كعامل أساسي سواء في حدوث المشكلة أو في بذل الجهود للتعامل معها. كما أصبح التركيز ليس فقط على مشكلات العميل وجوانب ضعفه، ولكن أيضا على جوانب قوته وقدراته التي تعتبر عاملا مساعدا في حل المشكلات التي يعاني منها.
ونود أن نشير في البداية إلى أننا تناولنا في كتابنا "أساسيات العمل مع الأفراد والأسر" الأسس العلمية التي تقوم عليها الممارسة المهنية مع الأفراد والأسر والتي تضمنت تناول العديد من النظريات العلمية سواء في علم النفس أو في علم الاجتماع، وكذلك الميثاق الأخلاقي للممارسة المهنية مع الأفراد والأسر، وأهم الأدوات والمهارات التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي في تعامله مع الأفراد والأسر. ونركز في هذا الكتاب على عمليات الممارسة وخطوات التدخل المهني مع الأفراد والأسر بواسطة الأخصائيين الاجتماعيين سواء كانوا مرشدين اجتماعيين أو أخصائيين اجتماعيين اكلينيكيين.
وقد يبدو للقارئ لأول وهلة أن هناك اختلافا في تطبيق برنامج التدخل المهني مع الأفراد عنه مع الأسر، إلا أن ذلك لا يبدو صحيحا تماما. حقيقة تعتبر الأسرة جماعة اجتماعية تتكون من العديد من الأفراد الذين يتفاعلون معا في إطار علاقات متبادلة وهادفة، ولكن هذا لا ينفي الحقيقة التي اتفقنا عليها بأن طبيعة النظرة إلى العميل كنسق تتطلب التركيز على التفاعل المستمر بين الأنساق الصغرى والأنساق الوسطى والأنساق الكبرى. فالأسرة التي تتكون من مجموعة من الأفراد قد يعاني أحدهم أو بعضهم من مشكلات شخصية تساهم بدرجة أو بأخرى في حدوث التفاعلات السلبية داخل الأسرة التي تنجم عنها مشكلات متعددة. وهذا لا يعني انه يقتصر تطبيق أساليب التدخل المهني مع الأفراد فقط مع الأسرة، ولكن يعني أنه يتم تطبيق هذه الأساليب مع أعضاء الأسرة، وفي نفس الوقت يتم تطبيق أساليب تدخل مهني أخرى مع الأسرة كنسق أكبر. كذلك توجد أساليب التدخل المهني التي تستخدم مع الأفراد تستخدم أيضا مع الأسرة، على سبيل المثال أساليب التعزيز والمواجهة وتقديم المعلومات والتعاطف ولعب الدور والتدريب السلوكي وغيرها تستخدم مع الأفراد ومع الأسر أيضا. وعموما فسواء أكان العملاء أفرادا أو أسرا، يتم تطبيق خطوات التدخل المهني عليهم عندما يعانون من مشكلات ويطلبون مساعدة الأخصائي الاجتماعي لهم بدءا من عملية الاتصال والارتباط وحتى عملية المتابعة، مع بعض الاختلافات البسيطة المرتبطة بالأدوات والأساليب ونوعية الاتصال وطبيعة المقابلات والجلسات.