تعتبر الأنشطة اللوجستية أحد الموضوعات الحيوية والتي تزايد الاهتمام بها في السنوات الأخيرة على الصعيدين الاكاديمي والتطبيقي في مجال التسويق وإدارة الأعمال من حيث مفهومها وأهميتها ومكوناتها وممارستها في المنظمات المعاصرة. فمع كبر حجم المنظمات وتعدد أنشطتها واتساع وتعدد خطوط منتجاتها وأسواقها تزايد الاهتمام بالأنشطة اللوجستية والتي أصبحت تمثل العمود الفقري في هذه المنظمات والتي تهدف إلى خدمة العملاء مع تحقيق الميزة التنافسية.  وتأخذ الأنشطة اللوجستية أسماء عديدة لمجالات متنوعة ومن بينها التوزيع المادي، إدارة المواد، إدارة النقل، وإدارة سلاسل إمداد.

لقد نشأت اللوجستيات نشأة عسكرية منذ عام 1905م واستخدمها الحلفاء بكفاءة فى الحرب العالمية الثانية وبعد الحرب بدأ تطبيق اللوجيستيات فى مجال الأعمال Business Logistics حيث تبين أن تكلفة الأنشطة اللوجيستية تتراوح ما بين 40%- 60% من تكلفة المنتج النهائي وأن تطبيق مفهوم إدارة الأعمال اللوجستية يؤدي إلى خفض التكلفة بنحو 20%.  ومنذ الثمانيات اتسع نطاق تطبيق اللوجيستيات فى سياق العولمة، فأصبح الإنتاج والتسويق والتمويل كونيا، حيث ابتدعت الشركات متعدية الجنسية نظاما جديدا للتقسيم الدولي للعمل.

تسعى الشركة العالمية لتحقيق ميزة تنافسية من خلال التعرف على الأسواق العالمية ومنتجاتها، ثم تبني إستراتيجية للتصنيع واللوجستيات لدعم إستراتيجية التسويق الخاصة بالشركة (مثال:شركة Caterpillar للمعدات لديها مواقع للتجميع منتشرة  في العالم لإمداد الأسواق على مستوى العالم وتستخدم القنوات اللوجستية للإمداد بقطع الغيار لمصانع التجميع عبر البحار. وقد تستخدم الشركة طرفا ثالثا لتقديم الخدمة اللوجستية لإدارة عملية التوزيع وأحيانا الإنتاج النهائي). 

إن التحدي الذي تواجهه الشركات العالمية هو كيف يتم تحقيق ميزة سعريه من خلال التوحيد القياسي (Standardization) وفى نفس الوقت الاستجابة للمطالب المحلية المختلفة مثال: شركة Whirlpool للأجهزة المنزلية تستجيب لهذا التحدي باللجوء إلى التوحيد القياسي للأجزاء والمكونات والموديلات وذلك من خلال نظم  محددة.

إن وسائط النقل المتعددة ووسائل التزويد تركز على التخطيط والتنظيم والإدارة والتحكم وتنفيذ عمليات النقل والشحن المباشرة ضمن سلسلة التزويد، كما ان شبكات التوزيع والمؤسسات الإنتاجية تعتمد بشكل كبير على مدى كفاءة وجودة منظومة التزويد بهدف تنظيم عمليات نقل المواد والسلع داخل منطقة الشرق الأوسط وخارجها مع التأكيد بان وسائط النقل المتعددة أصبحت صناعة بحد ذاتها وشهدت نموا سريعا خلال السنوات الماضية. يهدف هذا الكتاب إلى تعريف العاملين في حقل التجارة الدولية والخدمات اللوجستية بالتطورات التي طرأت على هذا القطاع ودوره في تطوير التجارة ونقل البضائع في دول الشرق الأوسط حيث أن هناك  تنافساً حقيقياً بين الأردن ودبي لتكون إحداهما مركز خدمات لوجستية على المستوى العالمي والمنطقة، خاصة وان منطقة المشرق العربي أصبحت مركز اهتمام من قبل الشركات العالمية في ظل توفر البيئة المناسبة وان الأردن يسير في الطريق الصحيح ليكون مركز خدمات لوجستية ومعبرا للتجارة الدولية من منطقة أوروبا إلى الشرق الأقصى بحكم موقعه الجغرافي.  إن الأعمال اللوجستية هي نظام شمولي متكامل يعتمد على مفاهيم إدارية أخرى مثل  إدارة الإنتاج والعمليات وإدارة التسويق والمبيعات وإدارة المخازن والمشتريات وإدارة العلاقات العامة وإدارة التمويل والمالية ونظم المعلومات التسويقية وإدارة المخاطر والأزمات والبحث والتطوير وغيرها وذلك بهدف دمج هذه الوظائف في الشركة في إطار عملي قابل للتطبيق بواسطة الشركات وذلك  للارتقاء بأدائها ورفع مستوى الأداء في تدفق وانسياب وانتقال وحركة السلع والخدمات إلى الأسواق. 

إن خدمة الزبون هي محور نشاط الأعمال اللوجستية وهي عبارة عن مستوى الجودة التي تتم به إدارة عمليات تدفق وحركة وانسياب السلع والخدمات التي تقدمها الشركة للزبون فهي النتائج النهائية الخاصة بكل أنشطة ووظائف الأعمال اللوجستية في الشركة وهي التي تتعلق بالاستجابة للطلبيات التي تقدم للزبون بواسطة موردي  الأعمال اللوجستية.

لقد جاءت الأهمية الاقتصادية للأعمال اللوجستية على المستوى الوطني المحلي والمستوى العالمي الدولي في توفير فرص عمل مناسبة لعدد كبير من العمال حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن هذا القطاع استطاع أن يستقطب نسبة قد تصل إلى 24% من حجم العمالة الموجودة كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية.

يعتبر هذا الكتاب الأول من نوعه، حيث يتناول بالعرض والنمذجة  موضوع الأعمال اللوجستية بشكل عام والتوزيع المادي  بشكل خاص. ويناقش مواضيع ذات صلة مباشرة  بفلسفة الأعمال اللوجستية ودورها في توضيح وتسريع نماذج الأعمال التقليدي  للأعمال اللوجستية، وابتكار نماذج أعمال توزيع وإمداد مبنية تماماً على تقنيات العصر، مثل الإنترنت والأجهزة مع مسمياتها وتطبيقاتها. 

وسيلاحظ القارئ اهتمام المؤلفين بتوضيح أبرز وأحدث التطورات الحاصلة في مضمار الأعمال اللوجستية، ودور هذه التقنيات في صياغة استراتيجيات توزيع فاعلة،  وكيف أنّ مؤسسات الأعمال باتت تستخدم هذه التقنيات ميدانياً لتحقيق أهدافها المنشودة. إنه بالفعل كتاب يستوعب وعاء الأعمال اللوجستية المبتكر.  والأمل أن يوفر الكتاب للقارئ وللدارسين والباحثين في مجاله، ينبوعاً من المعرفة المتخصصة،  وللممارسين حقلاً يمكن الاعتماد عليه في صياغة استراتيجيات فعّالة في عصر العولمة والتجارة العالمية والاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة. 

لقد جاء هذا الكتاب بفصوله كخارطة طريق للأعمال اللوجستية، هادفاً إلى توضيح الدور الهام والحيوي وتسليط الضوء على المفاهيم الأساسية والأطر الفكرية والوظائف الرئيسية لها في محاولة جادة لبناء هيكل متناسق متكامل يمكن الباحثين وأصحاب الاختصاص من الإلمام بمحتوى هذا الموضوع  العلمي والفكري المعاصر لكونه المرتكز الأساسي لكفاءة وفعالية الأداء في شركات الأعمال كافة صغيرة  أو كبيرة، وطنية أو عالمية، هادفة للربح أو غير هادفة له، وذلك تحقيقاً للنجاح والازدهار وضماناً للبقاء والاستمرار وبناءً للميزة التنافسية والسمعة والشهرة ووصولاً للقيادة والريادة في السوق. وتجسيداً لهذه الأهداف ولان هذا الكتاب لا يشكل وسيلة فحسب بل ابعد من ذلك بكثير جداً فهو منهج  تطبيقي متكامل للأعمال اللوجستية فقد جاءت هيكلية الكتاب مكونة من أربعة أبواب ومن احد عشر فصلا" حيث تناول الباب الأول عنوان الأعمال اللوجستية – مدخلا تمهيديا واشتمل على ثلاثة فصول تناول  الفصل الأول الأعمال اللوجستية -أسس ومفاهيم  بينما حمل الفصل الثاني بيئة الأعمال اللوجستية وناقش الفصل الثالث نظم المعلومات اللوجستية بينما طرح الباب الثاني موضوع قنوات الأعمال اللوجستية واشتمل على فصلين حمل الفصل الرابع عنوان قنوات الإعمال اللوجستية الوظيفية والفصل الخامس عنوان قنوات الأعمال اللوجستية التجارية بينما جاء الباب الثالث بعنوان نظام التوزيع المادي واشتمل على أربعة فصول هي الفصل السادس الذي تناول إدارة وظيفة الشراء والمواد والفصل السابع وتناول إدارة وظيفة إدارة النقل والمواصلات والفصل الثامن وتناول إدارة وظيفة الخزن والمخازن والفصل التاسع وتناول وظيفة التغليف ومناولة المواد وجاء الباب الرابع والأخير بعنوان الأعمال اللوجستية المتخصصة واشتمل على فصلين حيث تناول الفصل العاشر موضوع الأعمال اللوجستية في صناعة الخدمات  والفصل الحادي عشر والأخير بعنوان قنوات الأعمال اللوجستية الدولية تبع ذلك الملاحق والمراجع.