إن تتبعاً علمياً لما كتب في مجال منهجيات البحوث في العلوم التربوية والاجتماعية يُفضي إلى أن ثمة توجهاً قوياً لدى متخذي القرارات في مجال رسم السياسات التربوية على مستوى الدراسات العليا يقضي باعتمادها كمساقات أساسية في مجال إعداد الباحثين بعامة والتربويين بخاصة الذين سوف يُعول عليهم في المستقبل المنظور في التصدي للمشكلات التي يعاني منها قطاع التربية والتعليم.

ولما كانت المدرسة والتي يُنظر إليها كمجتمع مصغر، أوجدتها المجتمعات كمؤسسات للتنشئة الاجتماعية، تعمل على نقل التراث الثقافي من جيل إلى آخر، فقد أضحت تتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات، وهي بمجموعها لا تخلو من مشكلات تُعكر صفو تحقيق ما اختطته من أهداف سامية تعمل على تحقيقها لدى الناشئة بطرق تعليمية – تعلمية راقية المرامي والغايات.

وتأكيداً على غايات التربية والتعليم في الألفية الثالثة والتي تنظر إلى المتعلم على أنه محور للعملية التعليمية- التعلمية، إضافة إلى ما يتوافر من مدخلات ممثلة بالمعلم والمدير المشرف والمناهج والمواد الإثرائية، والبيئة الصفية وغيرها من العناصر، فإن تنبؤاً إيجابياً يقود إلى أن ثمة وجود وعي بالتخطيط لما يمكن أن يواجه المدرسة بمكوناتها المعنوية والمادية من مشكلات قد تلقي بظلالها على مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها، وعليه فإن التفكير بتصميم برامج وقائية، وأخرى تنموية وثالثة علاجية ربما يكون من جوانب التفكير الإيجابية لدى نفر من الباحثين في مجال العلوم التربوية والاجتماعية.

وتأسيساً على ما سبق فإن تصدي الباحثين لما تواجهه المدرسة من أزمات ومشكلات خاصة بمحيطها، يستلزم منهم توظيف منهجيات خاصة في البحث التربوي العلمي، اصطلح عليه بين الثقاة في مجال البحث العلمي بـ  "البحث الإجرائي Action Research"، والذي نلمس فيه نقصاً واضح المعالم في المكتبة العربية، ولهذا جاء هذا المؤلف والذي عُنون بالبحث الإجرائي كثمرة جهد لسنوات خلت في تعليمه في كلية العلوم التربوية – الأنروا، والعديد من الورشات التدريبية من قبل المؤلفيْن لسد النقص في هذا المجال الحيوي من مجالات البحث العلمي، وقد تكون من عشرة فصول على النحو الآتي:

جاء الفصل الأول بعنوان مدخل إلى البحث الإجرائي تضمن جملة من المفردات ذات الصلة منها، مفهوم البحث العلمي، وظائف البحث العلمي، ومفهوم البحث الإجرائي، ومبادئ البحوث الإجرائية وخصائصها، وأغراض البحث الإجرائي، وأنماط الأبحاث الإجرائية ونماذجها، وأهمية البحث الإجرائي،وعندما يكون البحث الإجرائي هو الخيار الأفضل، وبيئة البحث الإجرائي، وأدوار الباحث الإجرائي، والقضايا الأخلاقية في البحث الإجرائي.

ولما كان البحث الإجرائي سلسلة من الخطوات المنطقية فقد جاء الفصل الثاني يعالج منطقية الخطوات، فقد عنون بخطوات البحث الإجرائي (دورة البحث)، والذي تضمن تحديد المشكلة وصياغتها، ومصادر مشكلات البحث الإجرائي، ودورة البحث الإجرائي (انظر – فكر- افعل)، وجمع البيانات وتحليلها، وتطوير استراتيجيات إجرائية وتطبيقها.

واستكمالاً لخطوات البحث الإجرائي فقد جاء الفصل الثالث مهتماً بالسياق أو الإطار النظري، والذي عالج بعمق مراجعة الأدب (الإطار) النظري، وتعرف أهمية /الغرض من مراجعة الإطار النظري، ومصادر المعلومات والإطار النظري، وتنظيم المعلومات وكتابتها، وانتهى الفصل بطرح أمثلة تطبيقية.

أمّا الفصل الرابع فقد تناول تصميم أسئلة البحث الإجرائي، استناداً إلى الإطار النظري، مشتملاً على نقطة البداية في توليد الأسئلة، وكيف تطور أسئلتك؟ وخصائص السؤال البحثي الجيد، واختتم الفصل بأمثلة وتطبيقات على أسئلة البحث.

بينما تناول الفصل الخامس أساليب جمع البيانات، وتكون من الأساليب الكمية والنوعية في جمع البيانات وصدقها، وثباتها، والتثليث ومصفوفة المصادر، وجداول البيانات النوعية، ومن ثم أمثلة تطبيقية منتمية.

فيما جاء الفصل السادس بعنوان عمليات البحث الإجرائي، وتضمن الممارسات التأملية المهنية، وكفايات الممارسة التأملية المهنية، ومصادر المعلومات الإلكترونية في البحث الإجرائي، والإنترنت وعالم الويب، وخدمة البريد الإلكتروني، وخدمة تلنت، وأدوات البحث عن المعلومات في بيئة الإنترنت، ومحركات البحث البسيط والمتقدم،ومحرك بحث جوجل، ومحركات البحث المدمجة، وموقع ياهو، والمكتبات الافتراضية أو الرقمية، والبوابات، وقواعد البيانات، واستراتيجيات ومهارات البحث، والخطوات الأساسية لاستراتيجيات البحث، ومهارات أساسية للبحث في الأدلة الموضوعية، وأبرز المهارات والإمكانات البحثية، وتوليد ألأدلة، ونحو رؤية جديدة لتوليد الأدلة.

أمّأ الفصل السابع فقد عالج التصميم النوعي في البحث الإجرائي، واشتمل على البحوث الوصفية، والبحوث الارتباطية، والتصاميم شبه التجريبية، وتصاميم المقارنات السببية، وتصاميم المفحوص الواحد، وتصاميم البحث النوعي والذي يضم التصاميم الإثنوغرافية، والتصاميم التحليلية.

بينما تناول الفصل الثامن تنظيم البيانات النوعية وترميزها وتحليلها، واشتمل على البيانات النوعية، وجمع البيانات، وتحليل الموضوع، وترميز البيانات وتحليلها من خلال جملة من المراحل منها: الانغماس أو الغمر، وتوليد الفئات، وحذف الفئات، ودمج الفئات، وتدقيق المواضيع وربطها، وتقديم النتائج وعرضها، وأخيراً ضمان موثوقية البيانات.

أمّا الفصل التاسع فقد عالج نتائج البحث الإجرائي، وتضمن عرض البيانات الكمية من خلال الجداول، والجدول التكراري، والجدول المزدوج، والعرض البياني للبيانات الإحصائية، وطريقة الأعمدة البيانية البسيطة، والتمثيل بالخطوط،والتمثيل بالمنحنى التكراري البسيط، وطريقة القطاعات الدائرية، وطريقة الأعمدة البيانية المتلاصقة، والمدرج التكراري، ولوحة الانتشار، والإحصاء الوصفي، والإحصاء التحليلي.

وجاء الفصل العاشر بعنوان كتابة تقرير البحث الإجرائي، وتضمن كلاً من مفهوم تقرير البحث، ومكوناته، والتوثيق في البحث الإجرائي، وكيف يمكن أن تبرز شخصية الباحث في البحث الإجرائي؟ وتقويم تقرير البحث الإجرائي.