إن المتتبع للأنظمة التعليمية المختلفة يدرك تماما بأن التعليم لم يكن في أي عصر من العصور، بمنأى عن المجتمع فهو دائماً يتأثر بكل ما يدور فيه من أحداث وتغيرات؛ حيث تشهد المجتمعات المعاصرة الكثير من التحديات التي فرضت نفسها على مناحي الحياة المختلفة، ومن أبرز هذه التحديات ما تشهده تلك المجتمعات من تقدم فبتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي أسهمت في تطوير المؤسسات التعليمية خاصة مع ظهور أشكال جديدة من نظم التعليم المتسارعة والمتعاقبة بدءًا بنظم التعلم الفردي ونظم التعليم المبرمج وحركة الآلات التعليمية، ومن ثم وسائط وتكنولوجيات الاتصال عن بعد، ثم مرحلة توظيف الحاسوب في التعليم والتدريب مرورًا بمفهوم التدريب والتعلم الالكتروني الذي اشتهر بتوظيف أدوات الانترنت، وصولاً لمفهوم جديد هو التعلم الجوال "النقال" الذي يسعى للاستفادة من تقنية الاتصالات اللاسلكية عامة والنقالة خاصة .

لذا يسعدني أن أقدم للأخوة الدارسين والقراء الكرام هذا المؤلف بعنوان "تكنولوجيا التعليم والتعلم"؛ لنتماشى مع لغة العصر الذي نعيشه ولمسايرة عصر المعلومات والتكنولوجيا، حيث إن المعلم في هذا العصر يطالعه كل يوم أمرُ جديد في مجال تكنولوجيا التعليم والمعلومات، لا سيما البرمجيات والإنترنت، وكلما تمثل المعلم حديث الرسولr: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته" (رواه البخاري ومسلم). كلما ازداد إحساسه بالمسؤولية، وازدادت حيرته أمام كيفية التعامل مع هذه التقنيات بما ينمي مواهب أطفال اليومِ، شباب المستقبلِ، ويزيد من كفاءتهم، ويحقق تأثيراً إيجابيًّا على جوانب شخصياتهم المختلفة، ويوفِّر لهم أفضل مستوى من التربية والتعليم.

وبالتالي فإن كيفية استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصال في التربية والتعليم تتوقف على تحديد الهدف، واتباع خطوات تطبيق تكنولوجيا التعليم بشكل علمي سليم، ومراقبة تأثير ذلك على تكوين المتعلم بما يتمثل في تنمية الدافعية الذاتية للتعلم لديه، وتحويله إلى باحث نشط عن المعلومات وليس متلقيا لها، وتفجير طاقات الإبداع والابتكار لديه.

ومن أجل ذلك جاءت موضوعات الكتاب مقسمة على ثمانية فصول:

الفصل الأول: (طبيعة تكنولوجيا التعليم): ويتناول مفهوم التكنولوجيا، وتكنولوجيا التعليم، ومراحل تطور مفهوم تكنولوجيا التعليم، والتعريف الرسمي لتكنولوجيا التعليم، وعناصر تكنولوجيا التعليم وفقًا للتعريف الرسمي الثالث، وبعض القضايا التي تستحق التعقيب عليها.

أما الفصل الثاني: (الإدراك الحسي والاتصال التعليمي): فقد تناول مفهوم الإدراك الحسي، ومفهوم الإحساس وأدوات الإحساس، وعناصر ظاهرة الإحساس، ومستويات فعل الإدراك، والعوامل التي تؤثر في عملية الإدراك، وخصائص الإدراك، ومبادئ التعلم الأساسية، ومفهوم الاتصال التعليمي،  وطبيعة عملية الاتصال، وأهداف عملية الاتصال، وعناصر عملية الاتصال، وأنواع الاتصال، ومعيقات عملية الاتصال.

أما الفصل الثالث: (النظام وتصميم التعليم في التكنولوجيا التعليم): فيتناول مفهوم النظام، ومنظومة عمل النظام، وأسلوب النظم في تكنولوجيا التعليم، والتكنولوجيا وتصميم التعليم، ونظريات التعلم وعلاقتها بتصميم التعليم، ونماذج التصميم التعليمي، والمراحل والعمليات الرئيسة لنماذج التصميم التعليمي.

أما الفصل الرابع: (الوسائل التعليمية): فيتناول ماهية الوسائل التعليمية، وماهية الوسائل المتعددة (الوسائط المتعددة)، وأدوار الوسيلة التعليمية في الموقف التعليمي، وأسس اختيار الوسيلة التعليمية، ومعوقات استخدام الوسائل المتعددة، وقواعد عامة لاستخدام الوسائل المتعددة، ومراحل استخدام الوسائل التعليمية في الموقف التعليمي، ومراكز مصادر التعلم، وتصنيفات الوسائل التعليمية.

أما الفصل الخامس: (تقنيات المطبوعات واللوحات وثلاثية الأبعاد): فيتناول تقنيات المطبوعات وتتضمن: تقنية الصور الثابتة، وتقنية الرسوم،  وتقنيات اللوحات التعليمية وتتضمن: اللوحة الكهربائية، واللوحة المغناطيسية، ولوحة الجيوب واللوحة الاخبارية واللوح القلاب، واللوحة الوبرية، وتقنيات الأشياء ثلاثية الأبعاد وتتضمن العينات، والنماذج .

أما الفصل السادس: (تقنيات الصوت والعرض الآلي):  فتناول الراديو والكاسيت التعليمي، والعرض المعتم، وعرض الشفافيات، وعرض الشرائح، وعرض الأفلام الثابتة، وعرض الأفلام السينمائية، وعرض التلفاز التعليمي، وعرض الوسائط المتعددة LCD، وعرض المرئيات متعدد الوظائف، والسبورة التفاعلية الذكية.

أما الفصل السابع: (تقنيات الأنشطة): فتناول تقنيات العروض مثل: العرض التوضيحي، والتمثيل التربوي، والألعاب التعليمية، وتقنيات الرحلات التعليمية، وتقنيات الحاسوب في التعليم.

أما الفصل الثامن: (مستحدثات تكنولوجيا التعليم والتعلم):  فتناول بعض مستحدثات تكنولوجيا التعليم والتعلم وخاصة تلك المستحدثات التي ارتبطت بشكل مباشر في التطور الحاصل في مجال الاتصالات وتقنياته مثل: التعلم عن بعد، والتعلم الإلكتروني، والواقع الافتراضي، والكتاب الإلكتروني، والفصول الذكية، والتعلم النقال.

ومن خلال ذلك يتضح أن هذا الكتاب يلقي  الضوء على مساحة واسعة من تكنولوجيا المستقبل لينتفع به كل مشتغل في التعليم وكل طالب علم