هذا الكتاب يلقى الضوء على أهمية وفوائد التوحيد العددي أو البعد العددي لكلمة التوحيد في علوم رياضيات القرآن الكريم، ويلقى الضوء على الحقيقة الرقمية التي من خلالها يمتثل المسلم لربه في صلاته المفروضة يومياً 5 مرات في 17 ركعة بهدف الارتقاء بمستوى عقيدة التوحيد الذي من أجلها جاهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته للتوحيد.

ولكي نحدد معاني المصطلحات التي استخدمت في هذا الكتاب فلقد بينا تعريفاً للمصطلحات العلمية الرياضية والإحصائية الواردة بعد هذه المقدمة.

جاء الفصل الأول من هذا الكتاب ليعرض موضوع الإعجاز العددي عموماً تاريخه، آثاره، علماءه، بعض ما قيل فيه، وإنجازاته. أما الفصل الثاني فقد فصلنا فيه أسس التوحيد العددي من خلال قاعدة التوحيد العددي، توحيد المعطيات، شرح لمنظومة التوحيد وخصائص المعطيات.

في الفصل الثالث بينا عملية تصغير وتكبير المعطيات بأشكال عدة لغرض الوصول للعلاقات والترابطات المطلوبة لاحقاً وذلك من خلال مصفوفة التوحيد ومضاعفة الأعداد، تصغير المعطيات، تطبيق التوقيت الزمني والتحويل الزاوي. أما الفصل الرابع فشمل تحليل الثوابت والشفرات الأساسية في رياضيات التوحيد مثل الوسيط العددي، ثابت الحروف، الشفرات العددية كشفرة التوحيد وما ينتج عنها وشفرة التقارن وما ينتج عنها.

في الفصل الخامس تكلمنا عن التعداد الأفقي، العمودي والعكسي فحللنا فكرة التحليل العددي (التعداد العامودي) وفكرة التجميع العددي (التعداد الأفقي) وكذلك مفهوم المعكوس العددي. بينما تطرق الفصل السادس إلى المجاميع الخاصة بالتوحيد العددي وهي مجاميع التوحيد والمجاميع التكرارية.

ثم عرجنا في الفصل السابع إلى دراسة إحصائية وبيانية وإجراء التطبيقات اللازمة لتثبيت دعائم وركائز وقوانين العلاقات التوحيدية العددية للثوابت والأعداد القرآنية، فأخذنا بيانات التوصيف القرآني ودرسنا تطبيقات مهمة في القرآن الكريم.

الفصل الثامن دخل في الموازنات والدراسات الخاصة بتطبيق ثوابت ومدلولات علم التوحيد العددي المنبثقة من الثوابت القرآنية على نواحي مختلفة من حياتنا الدنيوية كما هو الحال في موازنة كلمة التوحيد، توقيت الصلاة، التقويم الميلادي / الهجري، تنظيم الكواكب السيارة.

ثم جاءت الخاتمة والاستنتاجات في نهاية المطاف لتعلن عن الحقيقة الباهرة الساطعة وهي تطابق ثوابت الكون المحلل توحيدياً مع ثوابت وأعداد ومدلولات ومعطيات القرآن الكريم. فبينا الخلاصة في المجال العام والخلاصة في المجال الخاص، ثم الاستنتاجات والخاتمة.

كان لا بد أن تعضد فصول الكتاب بملاحق مهمة تخوض في أمور عددية وحسابية وقوانين تكمل حقائق التحليلات التي تطرقت لها فصول الكتاب. من هذه الملاحق كان ملحق الأدلة الشرعية الذي لم نعطه تسلسل لأهميته فأفردناه في البداية قبل بقية الملاحق الأخرى، وفيه بعض ما جاء في أحاديث تتعلق بالأعداد متنها وسندها وتحقيقها وشروحها.

جاء الملحق (أ) الذي بينا فيه نظام ترتيب السور والآيات القرآنية، ثم الملحق (ب) وهو ملحق مكمل لما بيناه في الفصل الثالث من ارتباط آيات التوحيد والنبوة بثوابت التوحيد العددي فأسميناه ملحق آيات النبوة. أما الملحق (جـ) فدرسنا فيه مقاطع الحروف الأبجدية وأوزانها الرقمية.

في الملحق (د) بينا بيانات التوصيف القرآني لمعطيات قرآنية مهمة دخلت في فصول الكتاب المختلفة. ثم جاء الملحق (هـ) نظام الحروف المقطعة التي تبتدأ بها بعض السور القرآنية لما لها من أثر مهم في تحليلاتنا التوحيدية وهي ما يعرف بـمبتدئات السور القرآنية، ثم كان من أمر الملحق (و) الذي يحوي الآيات المكية والمدنية وآيات السجود.

بعد ذلك جاء الملحق (ز) ليبين نظام تكرارية الآيات الموحد الحاوي على جداول عدد الآيات من أصغر عدد (3) لغاية أكبر عدد (286) ، فالملحق ( حـ) وتأكيد علاقة ثابت الأعداد بالفئات المتعلقة بمجاميع تكرار الآيات في السور القرآنية، ثم الملحق (ط) والمخططات الفرعية لتأكيد المعطيات، ثم جاء الملحق (ي) الخاص بمميزات الأعداد والثوابت القرآنية وبعض ما أنجز من قبل الباحثين للكشف عن أسرار المنظومات العددية القرآنية وكذلك الآراء التي قيلت في تلك المنظومات وذلك استكمالاً لما ورد في نهاية الفصل الأول. وأخيراً وليس آخراً الملحق – ك – الذي يبين ضوابط ومنطلقات العمل في بحوث الإعجاز العددي المنشورة في وقائع الندوة الثانية للإعجاز العلمي – محور الإعجاز العددي– المنعقدة بدبي في مارس 2007م.

ونود أن نبين أن جميع ما جاء في الكتاب من فكرة وتأصيل وتطبيقات كان وفقاً للضوابط والمنطقات التي أوصى بها المشاركون في ندوة الإعجاز العددي بدبي عام 2007م والمنشورة في وقائع الندوة المبينة في الملحق (ك).  وفي ذلك ضرورة التقيد بمنهجية واضحة محددة في نوع القراءة والالتزام برسم المصحف وقواعد عدّ الآي وغير ذلك.

ولعلنا هنا لا نأتي بجديد إذا ما قلنا أن العمل في حقل العدد والرقم في كتاب الله تعالى ومن ضمنه بحوث الإحكام والإعجاز العدديين يجب أن ينطلق من ضوابط شرعية وعلمية لا حيود عنها ولا شرود كي يحقق شروط القبول الشرعي والانضباط العلمي على حد سواء. هذه الشروط مثبتة في العديد من كتبنا السابقة ووضعنا لها ملحق خاص هو الملحق – ك - في هذا الكتاب.

ونود هنا الإشارة إلى أن اختيارنا لاسم الكتاب هذا (رياضيات التوحيد) إنما هو انعكاس لما توصلنا له طيلة فترة العمل في الكتاب من تحقق التناغم للنمط الحسابي المتبنى وفق قواعد هذه الرياضيات التوحيدية مع كل من آيات الله تعالى في كتابه المسطور وآيات الله تعالى في كتاب كونه المشاهد المنظور وكذلك مع سنة حبيبه المصطفى الطاهر النور، وبما يحقق فكرة أصيلة مفادها أن : (التوحيد العددي يؤدي إلى التوحيد العقدي). فالكتاب لا يحتوي فقط على مناقشة فكرة التوحيد من الناحية الشرعية بل يسعى لإثبات ذلك التوحيد من الناحية العلمية الرياضية العددية عن طريق تبنيى تقنية حسابية رياضية عددية هي الرياضيات التوحيدية للأعداد كي يصل بالنهاية لحقيقة التوحيد العقائدي الموجب لجميع الأمم الجماعات والأفراد، في جميع العصور والفترات، ذلك التوحيد الذي هو محور الرسالات والنبوات، وأصل جميع العلوم والدعوات، ومن أجله كان الخلق في الأرض والسماوات، وجوهر الصراع في الأنفس والحضارات.

فالنظام الحسابي في كتاب الله تعالى وقرآنه المعجز منه ما يعد مثبتاً للتوحيد بدلالة قطعية، ومنه ما يعد قرينة قوية في إثبات التوحيد، لا أنه دليل قطعي، لأن المفردة القرآنية تذكر العدد ولا تذكره. فمثلاً الأية التي يذكر فيها العدد تحتوي على النظام الحسابي العددي الذي بمختلف تطبيقاته العلمية الرياضية يدل على إثبات التوحيد بدلالة قطعية، كما هو الحال مع نظام العدد في حساب المواريث، فهذا النظام العددي الحسابي الرياضي يثبت إعجاز القرآن الكريم المثبت للتوحيد من النواحي الحسابية - الرياضية والاجتماعية – النفسية - التربوية والتشريعية – القانوينة على حد سواء.

أما الآيات التي يخلو منها ذكر العدد، فدلالتها على التوحيد من خلال منظومة ترتيبها وتسلسلها ضمن السورة وكذلك السورة ضمن السور، فضلاً عن ترتيب وتسلسل كلماتها وتكراراتها وكذلك أعداد الكلمات والحروف وفق المنهج المتبع ضمن القراءة المعينة حسب علم القراءات والرسم وعد الآي. تلك الترتيبات والتسلسلات والتكرارات يمكن ربطها مع الحقائق الكونية والوقائع الحسية و الأحكام الشرعية من خلال أنظمة حسابية محكمة رصينة، لكن هذا الربط بكل تأكيد ليس قطعياً إنما هو محاولات لتدبر حقيقة توافق وارتباط تلك المنظومات العددية لتصب في النهاية في نهر الحقيقة القاطعة الساطعة أن كون الله المنظور المبني على حقائق عددية هندسية وضوابط وقوانين ونواميس علمية يرتبط بما أنزله جل في علاه في قرآنه المسطور بما يثبت حقيقة توحيد الإلوهية وتوحيد الربوبية، ولكن هذا الأمر يحتاج لتدبرات ودراسات وتبريرات واستنتاجات خاصة توضحه وتبينه، ولعل جهدنا المتواضع في هذا الكتاب يعد قنطرةً على طريق تلك المحاولات.