حرصا على ربط الحرف اليدوية بالعملية التعليمية وبالتنمية الشاملة ، تتجه وزارة التربية والتعليم الى استحداث مادة جديدة فيا لتعليم المهني، وهي فنون واشغال المعادن في مساعدة الطالب لاكتساب المهارات العملية والمعلومات النظرية الاساسية المرتبطة بها وذلك عن طريق نظام التعليم المهني بموجب الوحدات التدريبية المهنية المتكاملة التي جرى اعدادها بمديرية المناهج والتقنيات حيث تتيح هذه المادة مرونة التكيف مع متغيرات العلم والتكنولوجيا التي تطرأ في ميدان العمل الفني وكذلك توفر مجالات العمل للطالب في هذه المهنة، والتقدم فيها بالاعتماد على نفسه حسب امكاناته وقدراته الذاتية، وقد قامت الوزارة بادخال هذه المادة في مناهج الصفين التاسع والعاشر الاساسي العليا، من ضمن سلسلة الوحدات التدريبية المهنية المتكاملة ومن المؤمل ان تدخل هذه المادة في كافة مراحل الدراسة، ولكي يتحقق الهدف من دراسة هذه المادة، اصبح من الضروري ان يتبع الطالب الارشادات والخطوات التنفيذية التي تتضمنها هذه المادة.

ويختص هذا الكتاب بموضوع تشكيل وتطويع المعادن الفلزية غير الحديدية السهلة التشكيل كالنحاس الاحمر والاصفر والالمنيوم الى اشياء نافعة ومفيدة وجميلة، ويهدف الى اكساب الطالب المهارات التقنية والمعلومات النظرية في هذه المعادن ليكون قادرا على تشكيل المعادن بالطرق والضغط اليدوي واستعمال القص والفصم والثني واللحام يدوياً، واستعمال النقش والحفر والتطعيم وتلبيس الاخشام وطلاء المعادن، ولا بد لهذا المادة ان تأخذ مداها في تدريس التربية الفنية والمهنية على اختلاف مراحل الدراسة والتي تكشف مدياتها الجذرية العميقة والاصالة بتراثنا الفني العربي الاسلامي، وفي حالة انماء وعي الطالب بهذه المادة وانماء فكره وخياله ويده في التجريب بمختلف خامات المعادن الفزية المتوفرة في البيئة، والاعتماد على نفسه كفيل بأن نجعله يملك ناصية الابداع فيها وتصبح انتاجاته الفنية انعاكسا غنياً وفريداً لقيم الماضي والحاضر.

وإن ما يهدف اليه هذا الكتاب هو تطويع المهارات التقنية لهذه المادة لصالح العملية التعليمية، بحيث نجعل هذه المهارات تخضع لعمليات عقلية متطورة عند نقلها للطلبة وليس الى عمليات آلية شأنها شأن الصناعات الاخرى، بل يكتسبها الطالب بطريق غير مباشر عن طريق التجريب، ففي التجريب يبذل الطالب جهد فكري يقوده الى التوصيل الى ابتكارات جديدة، ولقد اثبت لنا العلم الحديث ان الفرد لا يستطيع ان يكتشف الجديد ما لم يخوض في تجارب كثيرة في مواده  وخاماته، وإن لكل فرد افكارا تنبض بالحياة تختلف عن غيره، واذا لم نحن نعن بطبيعة هذا الافكار وبتحولاتها وبتغييراتها فإننا حتما سنفشل في تحقيق هدفنا، والتربية الفنية ليست قوانين وقواعد ثابتة لا تتغير بل هي دائمة التغيير والتحول مثلها كمثل العلم ومع هذا فإنه يجب ان لا تخضع تدريبات الطلبة في هذا الفن الى العمليات التي يقوم بها صانع الادوات المعدنية الآلية، ويجب ان يعرف المدرسون ان الطالب يصبح عقيماً اذا اقتصرت مهامه على اقتباس مهارة وخبرات صانع الادوات المعدنية واعادة الاشكال التي يصنعها ، وفي الواقع ان العقل الذي يظل محصورا في تقليد مهارة الصناع الحرفيين وفي حدود الاشكال والنماذج الثابتة التي يصنعوها يستحيل عليه ان يشعر بالنكهة والراحة النفسية وحرمانه من الاكتشاف، وعندما يستيقظ عقل الطالب ويمنح الثقة بالنفس والفرصة في التجريب يجعله قادرا على القيام باهتمامات جديدة غير الموجودة عند الحرفيين، وواجب المدرس ان يعزز من ابداعات الطالب في التشكيل على المعادن بما يعطيه من حصيلة خبراته ليتمكن من خلاله ان يبتدع ويبتكر اعمالاً معدنية جديدة وجميلة تعكس خبراته.