هذه دراسات وبحوثٌ في غنىً عن التقديم، ولولا أنّ المؤلفين اعتادوا، منذ زمن طويل، التقديم لمؤلفاتهم، وتصانيفهم المنشورة، بمقدمات قد تطولُ، وقد تقصرُ، لما قدّمْت لهذا الكتاب . وحسبي أنْ أشير، في هذه الكلمة الموجزة، لما في هذا المصنّف من الفصول، والأبواب .

ففي الباب الأول، الذي سميته مقدمةً في اللسانيات، أربعة فصول تنتظم جميعا في بناءٍ واحدٍ متماسك . مطلعه تقديمٌ  تاريخيّ، وتوطئةٌ وجيزة، حول المدارس اللسانية المعاصرة . ويليه فصل ٌ مكثفٌ عن اللغة والدرْس الصوتي، وآخر عن اللغة والنظام الصرفي، وثالثٌ عن اللغة والنحو . وقد حاولتُ في الفصول الثلاثة (2 – 4 ) الدمج بين مستويات الدرس اللغوي، مؤكدا أنّ من المحال تناول الصرف في معزل عن الصوتيات، أو في معزل ٍ عن النحو، مثلما يصْعُبُ تناول النحو في معزلٍ عن الصّرْف، وهكذا..

وقد أفدتُ في هذا الباب من مصادرَ عربية ٍ وأجنبية كثيرة، منها على سبيل المثال – لا الحصر – كتاب مقدمة في اللغويات المعاصرة لشحدة الفارع وآخرين، وكتاب محاضرات في اللسانيات لفوزي الشايب، وكتاب علم اللسان العربي لعبد الكريم مجاهد، وكتاب مدخل في الصوتيات لعبد الفتاح إبراهيم، وكتاب روبنز موجز تاريخ علم اللغة،  فضلاً عن كتاب حنون مبارك مدخل للسانيات سوسير، وكتاب نظرية النحو العربي لنهاد الموسى. ويجد القاريء ثبتا بالمراجع التي أفدتُ منها، سواءٌ أكانت الإفادة مباشرةً أم غير مباشرة، في نهاية هذا الباب .

أما الباب الثاني، فيتألف من ثلاثة فصول، يجمعها محورٌ واحدٌ هو الدراسات الصوتية . وقد جاءت تطبيقا مفصّلا لبعض ما جاء في الباب الأول على وجه الإجمال. فالفصل الموسوم بعنوان "صوتيات ابن سينا في ضوء علم اللسان الحديث" توضيحٌ لارتباط الصوت بالمعنى، ودرْسٌ للأصوات من الزاوية الفسيولوجية، فيه إنصاف بيّن لبعض النابغين من الباحثين العرب في الصوتيات. وفي الثاني " مذهب سيبويه " توضيح لبعض ما ذكر في الباب الأول من الظواهر الفونولوجية في الكلام . والثالث " المقطع العروضي " يتضمن تطبيقا لبعض ما نُوّه إليه مجْملا في الباب الأول عن المقطع الصوتي، وصلته بالعروض، وجرْس اللسان.

وأما ثالث الأبواب في هذا الكتاب، فيحتوي ثلاثة فصول، قد يكون الرابط بينهما وبيْنَ ما سبق من فصول موجوداً فيها على نحْوٍ غير مباشر . ففي الفصل الرابع من الباب الأول يتناول الكتابُ النحوَ فيما تناول من آراء اللغويين، ومن أبرزهم، بالطبع، تشومسكي . وفي الفصل الأول من هذا الباب يتجاوز الكلام على النحو إطار الجملة، أو البنية الصغرى، إلى إطار أكبر هو البنية الكبرى، أو الفقرة أو النص . فكان المبحث – إذن – حول ما يعرف بقواعد النص عند فان ديك، ورقية حسن، وهاليدي، وبيوغراند، ودرسلر، وغيرهم.. من اللغويين.

وحتى لا يكونَ الأمر مقصورا على الغربيّين، وموقوفا على آراء المعاصرين دون المتقدمين،  تطرّق الفصل الثاني من الباب الثالث، وهو الموسوم "بقواعد التماسك النحوي عند عبد القاهرالجرجاني"  لإنصاف  اللغويّين القدماء، والتنبيهِ على ما قدّموهُ من أفكارٍ، وآراء، توطّيءُ لقواعد النصّ، ونحوِه. أما الفصل الثالث فهو دراسة تطبيقية قصيرة تستخدم مفاهيم علم النص في تناول قصيدة للشاعرة فدوى طوقان وهي قصيدة هل تذكُرُ ؟