إن قواعد الإملاء تُعدُّ فرعاً من فروع اللغة العربية التي تُعلّمنا كتابة الحروف والكلمات بشكلها الصحيح، وتُمكننا من فهم المعنى الصحيح الذي يقصده الكاتب. وإذا كانت قواعد النحو وسيلة لضبط اللغة وحُسن النطق بها فإن قواعد الإملاء وسيلة لتقويم القلم وخُلوّ الكتابة من الأخطاء، ذلك أن الخطأ الإملائي يشوّهها، ويحطّ من شأن الكاتب.

ونحن مدينون إلى نخبة من علماء اللغة العربية الذين وضعوا أسس هذا العلم وقواعده، حفاظاً على القرآن الكريم من التحريف والتصحيف وخشية من وقوع المسلمين في اللحن عند قراءة آياته.

ومن خلال تجربتنا في تدريس الإملاء، سواء في المدرسة أو في الجامعة، فقد وجدنا طلبة لا يجيدون هذه المهارة، وقد يتخرجون في الجامعة وهم لا يُحسنون الكتابة الصحيحة.

ولا شك في أن الإملاء مقياس دقيق لمستوى الطلبة في مختلف مراحل الدراسة، فأنت تستطيع أن تحدّد مستوى التلميذ من خلال النظر إلى كراسته التي يكتب فيها، بدءاً من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الجامعية الأولى، ويكفي أن يقع نظرك على البحوث والرسائل التي يُعدّها الطلبة الجامعيون، لترى الأخطاء الفادحة التي يقع بعضهم فيها.

وكتابنا هذا محاولة متواضعة في تناول هذا الموضوع، وتقوم فلسفته على النَّظر إلى الرسم الإملائي بوصفه مهارة يتعلمها المتعلم، لا بد له من إتقانها، امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يجب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».

ولكي يُجيد المتعلم الإملاء لا بد له من إجادة القراءة، وقد قيل قديماً: «القراءة صيد والكتابة قيد». ذلك أن الإملاء وسيلة أساسية إلى التعبير الكتابي.

إن هذا الكتاب يعرض القواعد الإملائية، التي بحثها العلماء، وتدرّجوا بها حتى انتهت إلى ما هي عليه اليوم رسماً، وبناءً، وتقعيداً، ولم يبقَ لنا إلا ما أضفناه من نزر قليل يتمثل في تيسير عرض هذه القواعد من خلال تدريبات عُرضت عرضاً جذاباً وبطرق مختلفة. غير أن كثيراً من المهتمين بالإملاء يتلقفون هذه القواعد مقتصرين على ضرب الأمثلة بكلمات مفردة مجردة، ناهيك عن قلة التدريبات عليها.

وإذ لمسنا ميدانياً في مدارسنا، ومعاهدنا، وجامعاتنا ضعف الطلبة في الإملاء، فإننا استكمالاً لمشروعنا النهضوي في تدريس مهارات اللغة العربية في المرحلة الجامعية الأولى، نظرنا إلى مهارة الإملاء على أنها من ضمن المهارات التي تقوم على الممارسة والتطبيق، ومن هنا جاءت فكرة إعداد هذا الكتاب الذي عرضنا فيه:

1. القواعد الإملائية بأسلوب ميسر، من خلال الجمع بين الأمثلة التربوية الهادفة من جهة والقواعد الإملائية المتداولة الواضحة المستمدة من القرآن الكريم والشعر العربي من جهة أخرى لوحات ارشادية تعين الطالب على الفهم والاستيعاب.

2. تدريبات متنوعة يستعين بها المتعلم في رسم الكلمات، مما يحقق غرضاً اجتماعياً مهماً هو الفهم والإفهام، إذ إنّ الخطأ في الرسم الإملائي قد يؤدي إلى غموض في المعنى.

3. الجمع بين القاعدة والتدريبات الإملائية، رغبة منا في ترسيخ هذه القاعدة من جهة، وإتاحة الفرصة لأن يتعلم الطالب الإملاء وظيفياً من جهة أخرى.

4.   فصلاً خاصاً بالترقيم وعلاماته، ومواضع استعمال هذه العلامات؛ مما يجعل قواعد الرسم الإملائي مكتملة العناصر والأركان.

5.   نصوصاً متنوعة لتدريب الطلبة، تحوي معلومات طريفة، تمدّهم بألوان من الثقافة.

ومن الأهداف التي توخّيناها تدريب الطلبة على رسم الحروف والكلمات رسماً صحيحاً مطابقاً للأصول الفنية، وتحسين خطهم، فضلاً عن إمدادهم بثروة من الآيات الكريمة والأبيات الشعرية والقصص الطريفة التي تُنمّي فيهم الذوق الفني وتغرس فيهم القيم الخُلقية والتربوية.