إبتداءاً، ومما هو جدير بالتذكير والتأكيد، أن البحث العلمي كان، ولا يزال، سمة واضحة ومهمة من سمات التقدم والتطور المعاصرين. وإن مثل هذا التطور والتقدم قد يكون على مستوى أية مؤسسة تهتم به، أو دولة من دول العالم المختلفة التي ترعاه. وهذه حقيقة محسوسة وملموسة. فبقدر ما يزداد عدد الباحثين المؤهلين والناجحين، في مختلف الاختصاصات، وبقدر ما يعنى بمراكز البحوث في أي بلد، ويقدم لها الإسناد المادي والمعنوي، بقدر ما ينعكس ذلك على تقدم وتطور ذلك المجتمع وذلك البلد، ونمو قابلياته وإمكاناته، في جميع المجالات التي يشملها البحث والتطوير.

ويلعب الإعلام وباحثوه دوراً مهماً في التطور والازدهار. وعلى هذا الأساس فقد اشتمل الكتاب الذي بين أيادي القراء المهتمين بهذا الموضوع على تسعة فصول. ركز فيه الكاتب، وفي الفصل الأول منه، على الموقف من البحث العلمي، وتحدياته ومستلزماته، بما في ذلك أكثر من تعريف بالبحث العلمي، وبما تشترك به هذه التعاريف من نقاط أساسية. وكذلك الدوافع من إجراء البحوث. ثم تطرق الباحث إلى علاقة البحث العلمي بالتطوير وارتباطه الوثيق به، وحجم الاهتمام العالمي بالبحث والتطوير، من خلال التخصيصات المالية التي ترصد لهذا النشاط. فضلاً عن ذلك فقد أعطى الباحث اهتماماً بالمشاكل والتحديات التي تواجه البحث العلمي، وخاصة ما يتعلق منها بالبلدان العربية. ومن جانب آخر كان هنالك جزءاً مهماً من هذا الفصل تم تكريسه إلى موضوع مستلزماته البحث العلمي، وصفات الباحث الجيد المطلوبة. فضلاً عن مقارنة بحوث الإعلام ببحوث العلوم والتخصصات الأخرى. وقد تم تعزيز هذا الفصل بمصطلحات توضيحية ثلاثة، أعطت صورة موجزة وواضحة عن مشاكل وتحديات البحث العلمي في العالم العربي. ومن ثم قدم الباحث نبذة مختصرة عن مستلزمات البحث العلمي الصحفي والإعلامي الجيد، ومن ثم نبذة عن الصفات المطلوبة في الباحث الإعلامي الناجح. وبعدها تم تعزيز هذا الفصل، وفي نهايته، بعدد جيد ومناسب من المصادر، العربية والأجنبية، التي راجعها واستخدمها الباحث.

أما الفصل الثاني فقد تم تكريسه إلى خطوات بناء البحث الإعلامي، وتحديد خطته المطلوبة. ويكون ذلك عادة من خلال القراءات الاستطلاعية المطلوبة، ومراجعة البحوث السابقة، ومن ثم بناء خطة مناسبة للبحث، وتحديد عناصرها الأساسية. وبعد ذلك عرض الكاتب موضوع اختيار وتحديد مشكلة البحث المناسبة، وصياغة فرضيات، وافية ومناسبة، للبحث.

كذلك فإنه مطلوب من الباحث تصميم هيكل البحث ومحتوياته، ومن ثم جمع أكبر من البيانات المناسبة وتحليلها، حتى يتمكن الباحث من إنجاز وتحرير الشكل النهائي، والمطلوب للبحث. كذلك فقد قام الكاتب بتعزيز هذا الفصل بعدد من مصادر المعلومات العربية والأجنبية، والتي كان هو قد أسهم في كتابة ونشر البعض منها.

ثم انتقل الكاتب، وفي الفصل الثالث من الكتاب، إلى موضوع مناهج البحث المطلوبة، والمناسبة، للبحوث الإعلامية. وذهب الكاتب إلى تصنيفات عدد من الكتاب والمؤلفين لمناهج البحث المختلفة. ومن ثم أوضح طبيعة منهج البحث المسحي Survey Method، ثم المنهج البحث الوثائقي أو التاريخي، ثم منهج دراسة الحالة Case Study، ومنهج البحث التجريبي Experimental Research، ومنهج البحث المقارن Comparative Research، أخيراً، منهج البحث الإجرائي Action Research.

أما موضوع عينات البحوث الإعلامية، والتي يطلب من الكتاب والباحثين عادة تحديدها واستخدامها، فقد جاءت في الفصل الرابع من الكتاب، وإبتداءاً من تعريف للعينة، ومن تحديد خطوات اختيارها واستخدامها. ومن ثم توضيح ماهية العينة الطبقية، والعينة الطبقية التناسبية، أو العينة الحصصية (Quota Sample)، والعينة العشوائية والعرضية، ثم العينة العشوائية البسيطة، والعينة العشوائية المنتظمة، وكذلك العينة العرضية، أو عينة الصدفة، التي قد يلجأ إليها بعض الباحثين. ثم أن هنالك أنواع أخرى من العينات، التي عرف بها الكاتب، مثل العينة المقصودة وغير العشوائية ثم عينة الفروق القصوى، والعينة الشبكية، أو عينة كرة الثلج
 Snowball / Networking، وعينة الحالات الخاصة أو الفريدة Unique Case، ثم عينة الحالات المتطرفة Extreme Case، والعينة النموذجية Typical Case، وعينة الحالات الاستثنائية أو السلبية Negative Case، وأخيراً قام الكاتب بتوضيح موضوع حجم العينة المطلوب، في البحث الإعلامي.

وخصص الكاتب الفصل الخامس من الكتاب إلى موضوع أساليب جمع البيانات في البحث العلمي الإعلامي، إبتداءاً من أسلوب المصادر والوثائق، كوسيلة لجمع البيانات، وإنتهاءاً بأسلوب الملاحظة، مروراً بالاستبيان، بأنواعه وميزاته ومحدداته المختلفة، ثم المقابلة، بأنواعها، وخطواتها، ومميزاتها، ومحدداتها، ثم أخيراً إلى الملاحظة.

أما الفصل السادس، من الكتاب، فقد خصصه الكاتب إلى تحليل البيانات المجمعة في البحث، وطريقة عرضها. كالتحليل الشامل للبيانات، بعد الانتهاء من جمعها، وكذلك احتمالات تحليل البيانات أثناء جمعها. ثم تطرق إلى التحليل الإحصائي للبيانات، بأنواعه. ثم إلى مشاكل وحلول مقترحة في التحليل، وعرض البيانات وتقويمها في البحث.

أما قواعد وأساليب توثيق مصادر المعلومات والإستشهادات، في البحث الإعلامي، فقد جاءت في الفصل السابع من الكتاب، وبما في ذلك القواعد العامة في توثيق مصادر المعلومات، والاستشهاد المرجعي Citation، وكذلك الاقتباس Quotation، والتعامل مع الاستشهاد المرجعي. ثم ضوابط وملاحظات إضافية في توثيق مصادر المعلومات.

ولم يغيب عن ذهن الكاتب التطرق إلى إعداد التقرير النهائي للبحث الإعلامي، ومتطلبات مناقشته، وكذلك الملاحظات العامة لكتابة تقرير البحث الإعلامي، ولغة تقرير البحث النهائي، وأسلوبه، واستخدام الإشارات والمختصرات والمصطلحات المناسبة. فضلاً عن تنظيم وتبويب أقسام البحث الرئيسية والثانوية. وكذلك تحديد العناوين الرئيسية، والعناوين الفرعية، وإخراج الشكل النهائي، المادي والفني، للبحث. وكذلك مناقشة البحث، والدفاع عنه. وقد كانت هذه المواضيع قد نوقشت في الفصل الثامن من الكتاب.

أما الفصل التاسع والأخير فقد كان بعنوان مصداقية البحث الإعلامي وموضوعيته، ودور الباحث، بما في ذلك توجهات الباحث وأدوار. وكذلك إرشادات للباحث الإعلامي في العمل الميداني، والاعتبارات الأخلاقية والقانونية العامة التي ينبغي على الباحث الانتباه إليها. وكذلك الصدق والمصداقية في البحث الإعلامي، وطرق التحقق من مصداقية البيانات والمعلومات، والموضوعية، والذاتية المنضبطة في البحث الإعلامي. ولم يغيب عن ذهن الكاتب ذكر عناوين مقترحة لأطروحات ورسائل جامعية، في نهاية الفصل ونهاية الكتاب.