جاء الكتاب في موضوعاته ليجيب عن أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا، منها: ما هي اللغة؟، وما هو التفكير؟ وما علاقة اللغة بالتفكير؟، وهل تتطلب اللغة قدرات عقلية تستند إلى الذاكرة؟، وهل يختلف بناء اللغة وتشكيلها استناداً إلى اختلاف أنماط التفكير؟، وهل هناك علاقة بين مهارات اللغة والتفكير؟.

هذه تحتاج منا إلى إجابات علمية دقيقة، كما تحتاج إلى التمعن والدقة في الإجابة، لا سيما أنه يوجد في العالم أكثر من ثلاثة آلاف لغة منها المنتشرة والمتداولة عالمياً، ومنها المحصورة في مناطق محدودة، ومنها المتطورة والمنتشرة، ومنها المنقرضة.

ولذلك أصبحت دراسة اللغات مهمة، خاصة أننا في مطلع الألفية الثالثة واللغة تعد من وسائط الاتصال العالمي، فهي تشكل مفهوم الاتصال والتواصل، والفهم والتفاهم والاستيعاب، على اختلافات أنظمتها الصوتية. لهذا أصبحت أنظمة الترجمة الفورية، ولذلك وجدت هناك الدراسات المقارنة في اللغات، والصوتيات واللهجات.

كما أن المتتبع لتطور اللغة الإنسانية، يجد أنها ليست بمعزل عن الفكر الإنساني واتجاهاته وثقافته، فمن خلالها يعبّر الإنسان عما يدور في ذهنه من آراء وأفكار، كما أنها تعكس مشاعره، ممثلاً ذلك بأفراحه وأحزانه من خلال لغته.

فالكثير من الأبحاث والدراسات أمثال دراسة كولرز (1984، Colors) أشارت إلى أن اللغة ما هي إلا تعبير عن حاجات سيكولوجية كامنة داخل الإنسان بحيث تشكل مفهوماً اتصالياً بين الفرد والآخرين، فمن خلالها يعبر الإنسان عما يُريد متىٍ شاء، وهذا يؤدي إلى ارتياحه نفسياً، كما أنه يتصل بالآخرين ويتفاهم معهم، وفقاً لطبيعة الموقف التي تؤثر عليه وينتمي إليه.

إن اللغة في أنظمتها وقواعدها تعد نظاما فيزيائيا ليست سهلة الإتقان، فتعلمها يحتاج إلى مجموعة من التجارب والممارسات التي تعد ذات أهمية في اتقانها، ولذلك فإن لكل لغة نظامها الخاص بها، ممثلاً ذلك في اللفظ، والقراءة، والكتابة، والمحادثة، والاستيعاب، والفهم، الذي يعبر عن أماني الأفراد والأمة.

ووفق ما سبق نجد أن موضوعات هذا الكتاب تهم الباحثين والعاملين في هذا المجال، وبخاصة المهتمون في علم اللغة النفسي؛ لذا سيتناول جوانب عديدة متعلقة بهذا الجانب، ممثلاً ذلك في أصل اللغة وعلاقتها بالتفكير والتعلم، كما سيكون هذا الكتاب مرجعاً ذا قيمة بالرغم من قلة المراجع في هذا المجال.

وتأكيداً على ذلك قسم الكتاب إلى ثماني وحدات على النحو التالي: في الوحدة الأولى تم التطرق إلى أصل اللغة وتطورها، ممثلاً ذلك بتعريفها وأشكالها ومهاراتها، كما تطرقنا إلى موضوع الفهم المقروء، ثم تم التحدث في هذه الوحدة عن أهم النظريات التي فسرت الأسس التي قامت عليها اللغة، أما الوحدة الثانية فحاولت الإجابة عن ماهية التفكير حيث تطرقت إلى تعريفه وخصائصه، ومستوياته، وتصنيفه وأنواعه، ثم تناولت التفكير والذاكرة وأنماط التفكير، ثم تناولت أهم النظريات التي فسرت التفكير نحو السلوكية، والمعرفية، والجشتلطية، وفيجوتسكي.

أما الوحدة الثالثة فتطرقت إلى مهارة التفكير، كمهارة كل من التفكير الحس حركي، والعملي والذاتي كما تم التطرق إلى مهارة التفكير الأساسية، أما الرابعة فكان موضوعها علاقة اللغة بالتفكير، حيث تم الإجابة عن سؤال في هذا الموضوع أيهما أسبق اللغة أو التفكير؟، وتم التطرق إلى موضوع الذاكرة واللغة، كما تم التحدث عن كل من نظرية التمثيل المنفصل والمشترك، حيث تم استعراض بعض الدراسات ذات العلاقة في هذا المجال، أما الوحدة الخامسة فتناولت مهارات الاتصال اللغوي، ممثلا بمهارات كل من الاستماع، والتحدث والقراءة والكتابة، والحوار والمناقشة، ومهارة طرح الأسئلة، أما الوحدة السادسة فكانت بعنوان علاقة المهارات اللغوية بالتفكير ممثلاً ذلك بمهارات الفهم والاستيعاب والملاحظة والتذكر والاستنتاج.

أما الوحدة السابعة فتطرقت إلى شروط بماء المهارات اللغوية التفكيرية، وحيث احتوت على النقاط التالية: الكفاية والأداء وبناء المعلومات، والنمو التحويلي، وفهم الكلام وإنتاجه، وبناء الأصوات والمعاني.

أما الوحدة الثامنة فتطرقت إلى أنشطة تتعلق باللغة والتفكير، حيث تمثل ذلك بعدة أنشطة حول مهارة الفهم والاستيعاب، ومهارة سرد القصص، وأنشطة مهارة التحدث، وأنشطة تتعلق بمهارة الاستدعاء والتذكر للمفردات والجمل.